فصل: فصل في علامات أن المرض ينقضي ببحران أو تحلل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في علامات طول المرض:

اعلم أن طول المرض يكون لغلظ في الأحشاء أو تخليط في التدبير وعلى كل حال تضعف فيه المعدة لأنه يهزلها وعلامته: بطء النضج المستدن عليه أو بطء الرسوب للثفل المتعلق أو عوام الرسوب الأحمر وأيضاً فإن قلة ظهور الضمور يدل على طول العلة وكذلك إذا كان.
مع حدة المرض نبض عظيم ووجه سمين وشراسيف منتفخة ليست تضمر دل على قلة تحلّل وطول مرض.
إذا جاءت أعلام البُحران قبل النضج فإن لم تسقط القوة ولم تظهر أعلام الموت فالمرض يطول.
واعلم أن تهاويل البحران وآلامه إذا لم تنفع ولم تضر وبقيت الأحوال بحالها فالمرض طويل وكثرة الاختلاج في المرض يدل على طوله وخصوصاً إذا ابتدأ من أول الأمر وأما في آخره فهو أصلح وكثرة العرق تدلّ على طوله.
وإذا صحب الاستفراغات القليلة التي تدل على تحريك الطبيعة للمادة وعجزها عن دفعها بالتمام كانت عرقاً أو رعافاً أو غير ذلك علامات أخرى جيدة أو عدم علامات رديئة على طول.
وإذا بقي الرسوب الأحمر إلى أربعين يوماً أنذر بطول حتى لا يرجى البُحران والانقضاء ولا إلى ستين.
الاحتلام في أول المرض يدل على طول.
إذا رأيت علامات طول المرض في الأيام المتقدمة فليس دلالتها كدلالتها بعد ذلك.
وإذا رأيت ما يضاد تلك العلامات يكاد يظهر في وسط الأيام وفي أواخرها فتأمل حكم الإنذار لتعلم أنها في أي يوم كانت وذلك اليوم بأي يوم تنذر وراع الشرائط المذكورة فيه وتأمل حال القوة والسن والفصل والمزاج وحال حركات المرض في كيفها وكمها وتقدمها وتأخرها وأوقاتها وخصوصاً في منتهيات الحميات الحادة وطولها وقصرها هل هي إلى الحركة أو إلى السكون فاحكم بقدره.

.فصل في علامات أن المرض ينقضي ببحران أو تحلل:

إذا كانت القوة والمرض حاداً والنوائب متزايدة في الكم والكيف والسن والمزاج أو الفصل مما تميل إلى التحريك دون التسكين وللنضج وضده علامات مستعجلة:فإن المرض ينقضي ببحران.
فإن كانت الأشياء بالضد وعلامات البطء موجودة فالمرض يطول فيقتل بتحلل أو يزول بتحلل وإن اختلفت كانت البحرانات ناقصة ومتأخرة وانتقالية.
وأما الموت والحياة فيستدل عليهما بأحوال القوة وعلامات تعين كل واحد من الأمرين وتقتضيه.

.فصل في أحكام النُّكس:

أردأ النكس ما كان أسرع وكان مع قوة أضعف ويصحبه لا محالة إذا كانت الصورة هذه الصورة علامات العطب.
ولأن يقع النكس بخطأ من التدبير أسلم من أن يقع من تلقاء نفسه مع صواب التدبير.
ومن الخطأ في ذلك سقي المسخنات والأدوية التي يراد بها جودة الشهوة والهضم مثل الخلنجبين العسلي وأقراص الورد ونحوها.
والبقايا التي تبقى بعد البحران تجلب نكساً عاجلاً إلا أن تتدارك.
والنكس شر من الأصل لأن الوبال عائد والقيم معيٍ.
فصل في علامات النكس:
ومن لم تسكن حمّاه ببحران تام وفي يومه خيف عليه النكس فإن كان سكونها بلا بحران البتة فلا بد من نكس وخصوصاً إذا كان البحران بمثل جدري أو يرقان أو جرب وبالجملة بسبب جلدي.
وقد يستدل على نكس يكون من ضعف القوة والشهوة والغثيان وخبث النفس وقلة الهضم وفساد الطعام في المعدة إلى حموضة أو دخانية وانتفاخ من الشراسيف ونواحي الكبد والطحال وفساد النوم وطول السهر وشدة العطش وشدة تهيج الوجه خصوصاً علامة عظيمة وخصوصاً في الجفن الأعلى وخصوصاً تورمه وبقائه كذلك مع انحلال تهيج الوجه ومما يدل عليه أن لا يحسن قبول البدن للطعام ولا يزول به هزاله وخصوصاً إذا كانت هذه الأعراض الرديئة تظهر أو تشتد في أوقات نوائب المرض الذي كان.
وقد يستدل على النكس من النبض إذا بقي فيه تواتر وسرعة.
ومن غؤر الخراجات البحرانية وغيبتها ومن البول إذا بقي فيه صبغ كثير من صفرة أو شقرة وحمرة أو كان فجالاً تعلق فيه ولا رسوب لماذا لم يشبه بول العليل بوله الطبيعي.
وبعض الفصول أدل على النكس من بعضها مثل الخريف فإنه يقع فيه النكس أكثر مما يقع في سائر الفصول وجنس المرض أيضاً يعين في الدلالة على النكس مثل الحميات الورمية إذا خلفت حرارة وتلهباً في الأحشاء ومثل الصرع والسمر وأوجاع الكلى والكبد والطحال والسعفة والبيضة والنوازل وما يتولد عنها من الرمد وغيره وأمراض النفس.

.فصل في أسباب الموت:

الموت يكون إما بسبب يفسد به مزاج القلب وإما بسبب تنحل به القوة فتطفأ.
والكائن بسبب يفسد به مزاج القلب إما ألم شديد وإما كيفية مفرطة من الكيفيات المعلومة وإما كيفية غريبة تسمية وإما احتباس مادة النفس.
والمبرسمون في الأكثر يموتون لعدم التنفس ولذلك يجب أن لا يتركوا مستلقين ولا يتركوا أن تجف حلوقهم.

.فصل في أصناف الموت الذي يعرض في أوقات الحميات وعلامة كيفية موت العليل:

من ذلك الموت الذي يعرض مع ابتداء نوبة الحمى في تزايدها أو دورها وأكثره في حميات الأورام الباطنة حين ينصت إليه فضل دفعة.
وفي الأمراض الخبيثة التي تنهزم عنها الطبيعة أول ما تتحرك بقوة لا سيما إن كانت ضعيفة.
وبالجملة هو كالخنق وكإطفاء الحطب الكثير النار ومن ذلك الموت في منتهى نوائب الحمى لانهزام الطبيعة عن المرض.
والثالث: الموت الكائن في الانحطاط وهو قليل نادر وأكثره في الانحطاط الجزئي دون الكلي والسبب فيه أن الطبيعة تكون فيه كالآمنة وتنتشر الحرارة وتتفرق وتفارق الماسك الذي يحتاج إليه في الأوقات الأول وأكثرهم يموتون بالغشي ودفعه وبعضهم يموت بتدريج.
وربما كان الانحطاط انحطاط دورٍ لاسترخاء القوة وتحلل الحرارة الغريزية فيظن انحطاطاً حقيقياً.
النبض في الانحطاطين مختلف فإنه في الحق يقوى وفي الباطل يسترخي وفي الحقيقي يستوي وفي الباطل يختلف ويخرج عن النظام.
وأما في الانحطاط الكلّي فلا يموت إلا لأسباب عنيفة من خارج تطرأ على المريض وهو ضعيف مثل حركة أو قيام أو غضب وقد يعرض مثل هذا أيضاً للأول ويسبق مثل هذا الموت عرق لزج يسير.
وكثيراً ما يموت الإنسان في الجدري في انحطاط وكثيراً ما يتقدمه عرق غير مستو وإلى البرد وربما كان في الرأس والرقبة وحده أو في الصدر وحده.
وإذا كان الجلد في النزع يابساً ممتداً فلا يكون الموت بعرق وبضده يكون بالعرق.
لكن أكثر الموت في الأمراض القتالة يكون من وجه ما في الوقت الذي يكون البحران الجيد في الأمراض السليمة مثل أنه إن كانت العلة في الأزواج واعلم أن المحرقة وما يشبهها تجلب الموت عند المنتهى من النوبة وتحدث معه أعراض رديئة من اختلاط العقل واشتداد الكرب أو السبات والضعف عن احتمال الحمى ثم يحدث صداع وظلمة عين ووجع فؤاد وقلق.
والبلغمية تجلب الموت في أول النوبة وحينئذ يكون البرد متطاولاً ولا يسخن والنبض صغيراً جداً ردياً ويشتد السبات والكسل وبالجملة فإن كل ذلك يجلب الموت في الساعة التي يشتدّ فيها على المريض أكثر ابتداء كان أو صعوداً أو منتهى.
والموت في التزيد الظاهر قد يقع في القليل.
وإذا تأملت علامات الموت في وقت مما ذكرنا فلم تجدها فلا تخف فإن وجدتها فاحدس أنه يكون موت فإن كان مع ذلك شيء من العلامات الرديئة المذكورة فاجزم وفي أكثر الأمر إن كانت النوائب أفراداً فإنه يموت في السابع أو أزواجاً فإنه يموت في السادس لا سيما إذا كان المرض سريع الحركة.
فصل في دلائل الموت من غير بحران:
من ذلك ضعف القوة وعجزها عن مقاومة المرض.
ومن ذلك تأخر علامات النضج البتة ومن ذلك قوة المرض مع بطء حركته.
وإذا اجتمع جميع هذا كان أدل.

.فصل في أحوال تعرض للناقهين:

قد يعرض للناقهين النكس إذا كان بهم ما ذكرنا في باب النكس ويعرض لهم اشتداد القوة وضعفها بحسب ما ذكرنا في باب تدبيرهم ويعرض لهم أن لا ينتفعوا بما يتناولون ولا يرجع به بدنهم إلى قوة وتعرض لهم الخراجات إذا لم تكن قد استنقت أبدانهم عن أخلاطها بالاستفراغ وقد يعرض لهم فساد بعض الأعضاء لاندفاع المادة إلى هناك وقد تعرض لهم أمراض مضادة للأمراض التي كانت بهم إذا كان قد أفرط عليهم في مضادة ما بهم مثل أن يعرض لهم ثقل اللسان والفالج والقولنج البارد والسكتة والصرع والصداع اللازم والشقيقة وما أشبه ذلك إذا كان التبريد والترطيب قد جاوزا القدر.
وقد تعرض لهم الحكّة كثيراً ويزيلها الماء الفاتر ويعرض لهم أن تبيض شعورهم لعدم شعورهم الغذاء ولتفشي الرطوبة الغريزية التي تقيم السواد كما يعرض للزروع إذا جفّت فتبيضّ ثم إذا حسنت أحوالهم عاد سواد شعورهم كما يعرض أيضاً للزرع إذا سقي فعادت خضرته.
فصل في تدبير الناقه:
يجب أن يرفق بالناقه في كل شيء ولا يورد عليه ثقيل من الأغذية ولا شيء من الحركات والحمّامات والأسباب المزعجة حتى الأصوات وغير ذلك ويدرج إلى رياضة معتدلة رفيقة فإنها نافعة جداً وأن يشتغل بما يزيد في عمه ويجب أن يودع ويفرح ويسر ويجنب الاستفراغات وخصوصاً الجماع والشراب بالاعتدال نافع له خصوصاً من الشراب اللطيف الرقيق.
وأولى الناقهين بأن يحجر عليه التوسع ناقه كان خفي البحران فإنه مستعد للنكس ومثله ربما احتاج إلى استفراغ وأصوبه الإسهال اللطيف لا سيما إذا رأيت البراز مرارياً أو مائلاً إلى لون خلط وقوَامه من الأخلاط التي كان منها الحمّى ورأيت! في الشهوة خللاً وإذا أردت ذلك فأرح الناقه وقَو قوَته برفق ثم استفرغه.
وربما احتجت إلى أن يستفرغ ويقوى معاً بالتغذية وحينئذ فاجعل أغذيته دوائية مسهلة أو امزج بها أقوى أدوية مسهّلة موافقة كالإجاص والشرخشك والترنجبين ونحو ذلك لأصحاب المرار وقد ينتفعون بالإدرار فتنقى به عروقهم وقد تفعل ذلك هذه المدرات المعروفة ويفعله الشراب الممزوج.
وأما الفصد فلقما يحتاج إليه الناقة وربما احتاج أيضاً وتدلّ عليه السحنة وعلامات الدم لا سيما إذا وجدت للحمّى كالتعقد في العروق ورأيت بثوراً في الشفة وربما أحوجك إلى فصد المحموم رداءة دمه بما بقي فيه من رمادية الأخلاط الرديئة فيلزمك أن تخرج لحمه الرديء وتزيد فيه الدم الجيد ويكون الأولى في ذلك أن ترفق ولا تفعل شيئاَ دفعة.
ونوم النهار ربما ضرّ بالناقه بإرخائه أيام وربما نفعه بإحمامه وإذا لم يوافق فربما جلب حمّى بما يفجج ويكسر من قوة الحار الغريزي والاحتياط في جميع الناقهين نقيهم وغير نقيهم أن يجري أمره على التدبير الذي كان في المرض من المزورة وغيرها يومين فثلاثة مما يليها وبالجملة مقدار أن يجاوز اليوم الباحوري الذي يلي يوم صحته ثم يرفع إلى ما فوقه ويجب للناقه النقي والذي كانت حماه سليمة أن لا يلطف تدبيره فيحمي بدنه وتسوء حاله ويجب أن يرد من ضمر وهزل في أيام قلائل إلى الخصب لأن قوته ثابتة ويفعل مع خلافه خلاف ذلك.
وإن لم يشته الناقه ففيه امتلاء وإن اشتهى ولم يسمن عليه فهو يحمل على نفسه فوق طاقته وفوق طاقة طبيعته فلا تقدر على أن يستمر به وتفرقه في البدن أو في بدنه أخلاط كثيرة والطبيعة مشغولة بها أو قوة معدته ساقطة جداً أو قوة جميع بدنه وحرارته الغريزية ساقطة فلا تحيل الغذاء إحالة تصلح لامتياز الطبيعة منه وأمثال هؤلاء وإن اشتهوا في أوائل أمرهم الطعام فقد تؤول بهم الحال إلى أن لا يشتهوا لأن الآفات والامتلاء من الأخلاط الرديئة تقوى وتزيد ولأن لا يشتهي ثم يشتهي لانتعاش قوته خير من أن يشتهي ثم لايشتهي.
فإن دام الاشتهاء ولم يتغير البدن إلى القوة والعبالة فقوة الشهوة وآلتها صحيحتان وقوة الهضم وآلته ضعيفتان فالأولى أن يمزج الناقه من الطيهوج والفروج إلى الجدي ولا يرجعن إلى العادة وبعد في العروق ضيق والسكنجبين ربما أسحجهم لضعف أمعائهم وكذلك كل الحوامض ومن تدبير الناقهين نقلهم إلى هواء مضاد لما كان بهم ومن تدبير الناقهين مراعاة ما يجب أن يحذر من نوع مرضه ليقابل بما يؤمن عنه كالمبرسمين فإنه يجب أن يخاف عليهم خشونة الصدر ولا يجب أن يعرق الناقه في الحمام فيتحلّل لحمه الضعيف وإذا كثر عرقه ففيه فضلِ والحلق بالموسى يضره لما تقدم ذكره.
فصل في تغذية الناقه:
يجب أن يكون غذاؤه في الكيف حسن الكيموس سهل الانهضام ويجب أن لا يصابر جوعاً ولا عطشاً وربما احتيج إلى أن يمال بالكيف إلى ضد مزاج الملة السالفة لبقية أثر أو لاحتياط.
واعلم أن الأغذية الرطبة السيالة أسرع غذاء وأقل غذاء والغليظة والثخينة بالضد أطعمة كانت أو أشربة ويجب أن لا يحمل عليه بالباردات إن لم تدع إليه بقية حرارة بل يجب أن يدبر بما هو معتدل وله حرارة لطيفة مع رطوبة كاملة سريعة القبول للهضم وأن يكون غذاؤه في الكم بقدر ما يحسن هضمه وانفصاله وتزيده على التدريج إذا لم ير ثقلاً ولا قراقر ولا سرعة انحدار ولا بطأة جداً وتنقص منه إن أنكرت من ذلك شيئاً وإذا امتلأ دفعة وتمددت معدته فربما حُم وكذلك يجب أن لا يشرب دفعة فربما كان فيه خطر.
وأما وقت غذائه فوقت اعتدال الهواء في عشيات الصيف أو ظهائر الشتاء إلا أن يكون الداعي مستعجلاً فيجب أن يفرق عليه مقدار هو دون شبع غذائه.
والماء الشديد البرد مما يجب أن يجتنبه الناقه فربما حمل على بعض الأحشاء وربما شنج وقد علمنا من مات بذلك.
واعلم أن شهوة الناقه قد تقلّ لضعف أو لأخلاط في المعدة ويصحبه في الأكثر كالغشي وقد تقل بسبب الكبد وقلة جذبها وتظهر في اللون وفي البراز الرقيق الأبيض وقد تقل بسبب أخلاط في البدن كله وتخم.
وقد تكون لضعف قوة البدن والحرارة الغريزية أو في المعدة خاصة فدبر كل واحد بما تعلم من تدبيره بأرفق ما يمكن.
واعلم أن السكنجبين السفرجلي نعم الدواء للناقهين وخصوصاً إذا كانت شهوتهم ساقطة لضعف في معدهم وأمنوا السحج.
وأما المقويات للمعدة التي هي أسخن من ذلك مثل قرص الورد وما أشبهه فربما كان سبباً للنكس.